تعاني مدارس قضاء خانقين والمدارس التابعة لحكومة إقليم كردستان من شلل شبه تام بسبب إضراب الكوادر التربوية،
تعاني مدارس قضاء خانقين (أكثر من 100 كلم شمال شرق ديالى) والمدارس التابعة لحكومة إقليم كردستان في المناطق “المتنازع عليها”، من شلل شبه تام بسبب إضراب الكوادر التربوية، وشكواها المستمرة من مشاكل توطين الرواتب وتأخرها لأشهر عدة طوال العقد الماضي، وفيما اتهم ممثلون عن تلك الكوادر، حكومتي الإقليم والاتحادية بالحيلولة دون تطبيق قرار “التوطين”، أطلقوا نداء استغاثة إلى الجهات المعنية بحل مشاكلهم، معتبرين تساهل بغداد مع أربيل في هذا الأمر “مجاملة سياسية”. ويقول أوميد محمود، أحد ممثلي الكوادر التربوية التابعة لإقليم كردستان في خانقين، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موظفي حكومة الإقليم في المناطق المتنازع عليها، يعانون من مشاكل تأخر الرواتب والادخار الإجباري بنسبة 20 بالمئة من الراتب، ما أضر بالموظفين وتسبب بخسائر تصل إلى 30 مليون لكل موظف من رواتبه”. وتتبع بعض الدوائر التربوية والتعليمية لحكومة إقليم كردستان، في مناطق خارج حدود الإقليم، والتي تعرف دستوريا بـ”المناطق المتنازع عليها” بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق. يشار إلى أن دوائر قضاء خانقين وسائر دوائر محافظة ديالى، المرتبطة بحكومة إقليم كردستان، تتبع إدارة وحدة كرميان، الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة السليمانية. وقررت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق)، بتاريخ 21 شباط فبراير 2024، إلزام رئيسي الحكومتين الاتحادية وإقليم كردستان بتوطين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام بالإقليم لدى المنافذ المنتشرة في الإقليم أو المصارف المفتوحة والمرخصة من قبل البنك المركزي العراقي، وتخصم من موازنة الإقليم. ويبين محمود، أن “حكومة الإقليم ترفض منح درجات موظفي الإقليم في المناطق المتنازع عليها للوزارات الاتحادية بالرغم من موافقة الحكومة الاتحادية على منح الموظفين درجاتهم الوظيفية”، موضحا أن “منح الدرجات الوظيفية للوزارات الاتحادية يمنع حكومة الإقليم من تعيينات جديدة للموظفين، بالرغم من مطالبة الحكومة الاتحادية للإقليم بالتنازل عن التخصيص الوظيفي وتعويضه بتخصيصات مالية فيما بعد لغرض التعيينات”. ويحمّل ممثل الكوادر التربوية التابعة لإقليم كردستان في خانقين، حكومة الإقليم “مسؤولية تعطيل تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية بتاريخ 21 في شباط فبراير عام 2024، والخاص بإلزام الحكومة الاتحادية بتوطين رواتب موظفي الإقليم، على الرغم من موافقة الأخيرة”. وبحسب اتفاقات بين بغداد وأربيل تبنت وزارة المالية الاتحادية دفع رواتب الإقليم خلال الأعوام الأخيرة وفق خطط حسابية وتفاهمات مالية بين الحكومتين، إلا أن موظفي الإقليم ما زالوا يعانون تأخر انتظام رواتبهم وبقاء الأزمات والمشاكل، وأبرزها إجراءات الادخار الإجباري التي تتبعها حكومة الإقليم منذ أكثر من 10 أعوام. وينوه محمود، إلى أن “حكومة الإقليم ترفض أيضا قرار نقل الموظفين التابعين للإقليم في المناطق المتنازع عليها إلى الحكومة الاتحادية لتفادي خسارة الأصوات الانتخابية، ما جعل المصالح السياسية تعاكس مصالح الموظفين المتضررين”. ويلفت إلى أن “حكومة الإقليم تطالب بمنحها الرواتب، وهي من تقوم بتمويل المصارف في الإقليم وتوطين تلك الرواتب، لكن وزارة المالية ترفض ذلك، وتصر على تمويل التوطين بنفسها”. ويطالب رئيس حكومة الإقليم بإنصاف الموظفين وإنهاء مشاكل الرواتب المتأخرة والادخار الإجباري، إلى جانب مشاكل تقسيط الرواتب في أغلب الأحيان على شكل دفعات، وفق السيولة المالية المتوفرة بالرغم من دفع وزارة المالية الاتحادية للرواتب بشكل كامل. ويشتكي موظفو حكومة الإقليم على مر الأعوام العشرة الماضية من تسلم راتب واحد كل شهرين أو 3 أشهر، يرافقه خصم 20 بالمئة من الراتب كادخار إجباري. وتقدر رواتب موظفي الإقليم بـ13 تريليون دينار (نحو 8.5 مليار دولار)، فيما لا زالت الخلافات بين بغداد وأربيل حيال الإيرادات النفطية والمنافذ الحدودية في الإقليم عائقا أمام المشاكل والتفاهمات المالية. من جهته، يحمّل علي الصوفي، وهو أحد ممثلي موظفي الإقليم في المناطق المتنازع عليها، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني “مسؤولية تأخر توطين رواتب موظفي الإقليم لأهداف ومجاملات سياسية، مقابل كسب دعم وتأييد الأحزاب الكردية للبقاء على رأس الحكومة القادمة”. ويكشف الصوفي عن “وجود نحو 7000 موظف للتربية، تابع لحكومة الإقليم في المناطق المتنازع عليها، نصفهم في ديالى، لكنهم يعانون من مشاكل النقل والتوطين، وتوقف العلاوات والترفيعات منذ نحو 10 سنوات”. ويتابع أن “ما يزيد من الأعباء المادية لنحو 150 موظفا في خانقين التابعين لحكومة الإقليم، هو دوامهم في كلار، وتحمل كلفة النقل بين ديالى وإقليم كردستان”. يذكر أن أزمة الرواتب أثرت بشكل مباشر على الموظفين في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم، ما دفع الأطباء إلى تنظيم إضرابات متكررة للمطالبة بمستحقاتهم المالية المتأخرة، ومع استمرار الأزمة وعدم وجود جدول زمني واضح لحلها، يتزايد الضغط على الحكومة لإيجاد حلول عاجلة لضمان استمرارية الخدمات الأساسية في الإقليم. إلى ذلك، يرى أحد أبرز ممثل الكوادر التربوية التابعة للإقليم في ديالى أمير حلواجي، أن “جمع تواقيع أكثر من 110 ألف موظف ضمن الكوادر التربوية في الإقليم والمناطق المتنازع عليها لتنفيذ إجراءات توطين الرواتب، وتمت مخاطبة وزارة المالية واللجنة المالية النيابية والمحكمة الاتحادية وعدة وزارات بشكل رسمي بهذا المطلب”. ويعزو حلواجي، في حديثه لـ”العالم الجديد”، تعطل توطين الرواتب إلى “مطالبة حكومة الإقليم بالتوطين ضمن مصارف أهلية تابعة للأحزاب الكردية في خانقين، فيما تصر الحكومة الاتحادية على توطين الرواتب في المصارف الحكومية خارج الإقليم، بناء على قرار المحكمة الاتحادية”. وينوه إلى أن “وزارة المالية طالبت بأرقام حسابية لمصارف التوطين، لكن حكومة الإقليم تطالب بتحويل الأموال للإقليم، وأنها هي من تقوم بتمويل المصارف، لكن الحكومة الاتحادية ترفض التمويل من قبل الإقليم وتؤكد مسؤوليتها القانونية في تمويل التوطين”. ويتهم حلواجي، الحكومة الاتحادية بـ”تجاهل مطالب موظفي الإقليم، والمجاملة السياسية لأحزاب وسياسي الإقليم على حساب حقوق موظفي إقليم كردستان الذين أنهكهم العوز المالي والمعيشي منذ أكثر من 10 سنوات”. وحاولت “العالم الجديد”، الحصول على تعليق من قبل مسؤولي مديرية التربية ومسؤولين حكوميين في كرميان ومناطق أخرى، إلا أنهم رفضوا التعليق على مشاكل الرواتب والتوطين. من جهته، يرى حسن طالباني، مدير تربية خانقين التابعة لحكومة إقليم كردستان، أن أسباب تأخر وتعطيل توطين رواتب موظفي الإقليم، تقع على عاتق الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم، محملا الأولى الجانب الأكبر من المسؤولية. ويطالب خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، حكومتي بغداد وأربيل بالكشف عن الأسباب للرأي العام، محذرا من “كوارث تلحق بالعملية التربوية في القضاء بسبب تأخر الرواتب، الذي أدى إلى إضراب عام للكوادر التربوية في مدارس قضاء خانقين منذ 25 كانون ثاني يناير الماضي، باستثناء ديوان تربية خانقين التابع للإقليم والذي بقى لوحده منتظما بالدوام”. ويناشد طالباني، بـ”حل مشاكل تأخر الرواتب للحفاظ على ديمومة العملية التربوية وتفادي مشاكل يدفع ثمنها الطلبة في المدارس”، منوها إلى أن “موضوع تأخر الرواتب بات موضوعا سياسيا”. يشار إلى أن حكومة الإقليم، التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، أطلقت مشروع “حسابي”، الخاص بتوطين رواتب الموظفين فيه، بدلا عن المصارف الحكومية مثل الرشيد والرافدين، وقد جوبه هذا القرار بتظاهرات من موظفي الإقليم، حيث رفضوه لعدم ثقتهم بالحسابات البنكية التابعة للإقليم.
متابعة: عهد العراق.
2025-02-06 09:07 AM186